تقنيات متقدمة لإزالة الكربون والنمو الاقتصادي

من تحدي النفايات إلى محرك للاقتصاد الدائري

يشهد قطاع النفايات في مصر تحولًا جذريًا، حيث ينتقل من كونه تحديًا إلى أن يصبح حافزًا للنمو الاقتصادي الأخضر. مع إنتاج أكثر من 100 مليون طن من النفايات سنويًا، تستثمر الدولة بشكل نشط في أنظمة الاقتصاد الدائري التي تحول النفايات إلى قيمة.

الهدف الوطني بإعادة تدوير 80% من النفايات الصلبة البلدية بحلول عام 2030 يقود بالفعل إلى تطوير 8 منشآت جديدة و17 منشأة متطورة بحلول عام 2025، ما يفتح المجال أمام نماذج أعمال جديدة وفرص ابتكار متنوعة. وتشير هذه الاستثمارات إلى تحول في النهج، من التخلص الخطي من النفايات إلى استرجاع القيمة المتكاملة، مما يحوّل الأعباء البيئية إلى نماذج أعمال قابلة للتوسع ومحرّكات لتوفير فرص العمل.

يقع سوق تحويل النفايات إلى طاقة (WTE) في صميم هذا التحول. ومع توقعات بأن تصل قيمة هذا السوق إلى 1.5 مليار دولار بحلول عام 2028، تُنفّذ مصر مشاريع في محافظات رئيسية مثل الجيزة والمنصورة، مدعومة بتعريفات تغذية جديدة وتسهيلات في إجراءات الترخيص. وقد بدأت هذه السياسات بالفعل في جذب مشاركة القطاع الخاص وتحفيز الابتكار لدى الشركات الناشئة.

المدن الذكية والطاقة الحيوية: ربط البنية التحتية بالابتكار

في الوقت نفسه، يُعزز تطوير المدن الذكية مسار التكنولوجيا النظيفة في مصر. تستهدف العاصمة الإدارية الجديدة تقليل استهلاك الطاقة في المباني بنسبة 15 إلى 20%، وتحقيق كفاءة طاقة بنسبة 30% في العمليات. تتماشى هذه الأهداف مع استراتيجية مصر الأشمل للتصنيع الأخضر، وتُظهر كيف يمكن للتخطيط العمراني، وأنظمة الطاقة، والبنية التحتية الرقمية أن تتكامل لبناء نماذج حياة مستدامة.

تُعد الطاقة الحيوية مجالًا آخر يحمل إمكانيات هائلة. تنتج مصر حوالي 30 مليون طن من المخلفات الزراعية سنويًا، وهي كمية كافية لتوليد ما بين 3 إلى 5 جيجاوات من الكهرباء، وإنتاج 1.5 مليون طن من الإيثانول الحيوي. استغلال هذا المورد يمكن أن يفتح سلاسل قيمة جديدة في مجالات الوقود النظيف، والصناعة الريفية، والتقنيات الزراعية، خاصة إذا اقترن ذلك بالابتكار في لوجستيات الكتلة الحيوية وتقنيات التحويل.

تحول على مستوى الأنظمة

من المهم الإشارة إلى أن هذا التحول الأخضر ليس مجزّأ، بل إن خارطة الطريق الوطنية في مصر تدمج بين النفايات والطاقة وتطوير المدن في جهد موحد ومترابط لإزالة الكربون. تُطوّر مجالات استراتيجية مثل احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) وإنتاج الأمونيا الخضراء إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة التقليدية، مما يعكس نهجًا منظوميًا لتقليل الانبعاثات وتحقيق تحول صناعي شامل.

الفرصة الآن تكمن في تسريع الابتكار المحلي، من خلال الاستفادة من الموارد الحيوية الهائلة في مصر، وتطوير بنية تحتية ذكية مناخيًا، وتمكين الشركات الناشئة من بناء واختبار ونشر حلول المستقبل.