أنت هنا

القاهرة وثقافة ريادة الأعمال (الجزء الثاني)

تم إعادة نشر هذا المقال من  progrss  تحت رعاية The district وهو جزء من سلسلة #إقتصاديات_الحضر

علق كون دونيل – رائد الأعمال المبادر والمستثمر وأحد مؤسسي قمة رايزآب  (RiseUp) – الذي وصف ضاحكاً سن الصبى  "بتحت الخمسينات"-  أن الوضع يتغير الآن لرواد الأعمال وايضاً للموظفين في الشركات الناشئة. وقال بوضوح أن الوضع الاجتماعي لراد الأعمال الصغار بعيد كل البعد عن المثالية يكون. "بالنسبة لى، مقياس القبول الاجتماعي يتحدد عندما يتقرب أحد رواد الأعمال إلى حماه ويقول له أنه رائد أعمال بدون أن يتم رفضه. ولكننا لم نصل إلى هذه المرحلة حتى الآن."

على صعيد أخر، قال محمد الصاوى – مالك ذا كورت يارد (The Courtyard) والمدير التنفيذي لشركة مصر للمقاولات – أن استخدام كلمة "رائد أعمال" على نحو غير مضبوط قد خلق لبعض الناس معنى سلبي للكلمة. وقال: "لقد شاهدنا بعض الناس يقضون يومهم في المقاهى باللاب توب ويسمون أنفسهم رواد أعمال. ما يفعلونه يمكن أن يكون شكل من أشكال ريادة الأعمال، ولكن معظم الناس تراهم كسولين لا يريدوا العمل. لكن بالنسبة للأشخاص الذين بالفعل بدأوا شركاتهم الخاصة ولديهم مشاريع قائمة، فإن الصورة غير سيئة بالمرة."

لكن يواجه رواد الأعمال أيضاً معاناة احتمال الفشل. قال هاشم الدندراوى، مطور زراعي ومؤسس ك-9 سينس (K-9 Sense) – شركة توفر المنتجات والخدمات للتدريب والاهتمام بالكلاب،: "نحن لا نتعلم في المدارس كيف التعامل مع الفشل. لو قارننا نسب الفشل بالنجاح سنجد أرقام تأملية، لكن المجتمع لا يقبل الفشل .. نقول لأولادنا بأنهم إذا فشلوا، فقد فشلوا."

أضاف أيمن اسماعيل، أستاذ مساعد جامعي والرئيس الفخري لمركز عبد اللطيف جميل لريادة الأعمال بالجامعة الأمريكية ومدير فينتشر لاب الجامعة الأمريكية، أن بجانب الحرج الاجتماعي المصحوب بالفشل، فإنه من النادر للشركات الكبيرة أن تتعاقد مع الشركات الناشئة مما يصعب على الشباب عملية البدء بمشاريعهم. وبالرغم من انخفاض نسبة الخوف من الفشل وسط الأجيال الجديدة، ولكن انخفض أيضاً استعداد الشباب للخروج والبدء بشركاتهم الخاصة. "طبقاً إلى أبحاثنا الأخيرة، عدد الأشخاص الذين يبدأون شركاتهم الخاصة الآن أقل من عددهم منذ خمس سنوات."

بجانب حيرة بدء الشركة الخاصة والخوف من الفشل ، يعاني الشباب أيضاً من مشكلة غياب قانون الإفلاس الذي يحمي رواد الأعمال من خطر السجن الذي سيجعل أعمالهم تنهار. وقد تم تصنيف مصر رقم ١١٩ من ١٨٩ دولة في حل التعسر المالي في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال للبنك الدولي عام ٢٠١٦، وصنفت مصر رقم ٧٣ في بدء الأعمال والمشاريع، مما يشير إلى أن كان بدء العمل الخاص صعب، الخروج منه ضعف الصعوبة. وفي حين أن وزارة الاستثمار أعلنت خطتها لإصدار قانون إفلاس جديد، إلا أن الفاتورة الواقعية مازالت تحت الإجرائات التحفظية.

بالرغم من الصعوبات التي يتحدث رواد الأعمال عنها، إلا أن الأرقام تشير إلى غير ذلك، طبقاً إلى مجموعة أوكسفورد للأعمال، فالشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم كانت تمثل ٧٠٪ من الاقتصاد القومي لمصر في ٢٠١٣. في حين أن الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم " ... عادةً كانت تسيطر على أطياف (أصحاب) الدخل الأدنى والطبقة الكادحة... هذا بدأ أن يتغير."

قال طارق أسعد، شريك مدير في شركة رأس المال المخاطر ايديافيلوبرز (Ideavelopers)، أن الوضع يتغير بالنسبة لرواد الأعمال. وأضاف: "عندما بدأت ايديافيلوبرز، كان الناس يقولوا أن عائلتهم تريدهم أن يكون لهم وظيفة حقيقية. والآن نرى أشخاص لديهم مهارات إدارية كبيرة يتركون وظيفتهم ذات المرتب العالى والسمعة الممتازة ليصبحوا رواد أعمال، وأنا أظن أنهم يشقون طريقاً جديداً للجميع." وقال أيضاً أنه يعتقد أن المجتمع صار يتقبل بسهولة أكثر ترك أحدهم الوظيفة في الشركة العالمية لينضم إلى شركة ناشئة.

يتفق مجتمع ريادة الأعمال أنه هناك نقص في قصص النجاح البارزة – أشخاص من الواقع مثل عبدالغفور البرعي في لن أعيش في جلباب أبي. قال كون دونيل أنه بالرغم من أن مصر طورت الإعلام باللغة الإنجليزية الذي يغطي أخبار ريادة الأعمال وقد جذبت الإعلام الإقليمي مثل ومضة وجذبت أيضاً الإعلام العالمي مثل تك كرنش، لكن مازالت التغطية الإعلامية باللغة العربية متأخرة.

ويأتي بعد ذلك الفرص الضائعة. لقد تم تغطية خبر استحواذ مجموعة من المستثمرين الدوليين على حصة أغلبية بقيمة ١٠٠ مليون دولار في شركة فورى المتخصصة فى الدفع الإلكترونى في السنة الماضية – ولكن لم يتم تغطية الخبر في الصحافة العربية كقصة شركة ناشئة. كانت شركة فوري ناجحة جداً في بناء أساس للمستخدم وتسهيل عملية دفع الفواتير أون لاين ومن خلال ماكينات الصرف الآلي ومكاتب البريد، ولدى فوري ٥٠ ألف مكان حول كافة المحافظات المصرية. وأضاف كون دونيل: "أن قصة فورى لم يتم التركيزعليها كشركة ناشئة عمرها ٧ سنوات وحصلت على أكثر من ١٠٠ مليون دولار، لذا قصة فورى هى فرصة ضائعة لتغطية الشركات الناشئة."

طبقاً لمحمد الصاوى، مع عدم وجود أمثلة حية لقصص نجاح من الواقع لرواد أعمال – خصوصاً الغير تقنيين – هو يحذر من تركيز وسائل الإعلام الناطقة بالإنجليزية التي تركز على أمثلة معينة. وقال: "لقد قابلت رجل أنشأ مصنع صغير يصنع مفصلات الثلاجة – التي كنا نستوردها. صمم الرجل الماكينة وترك عمله وأنشأ مصنعه الصغير وتدريجياً بدأ يصدر للبلاد العربية وتوسع في تصنيع أشياء أخرى. بالنسبة لى، هذه قصة نجاح استثنائية لريادة الأعمال، لكن الإعلام لا يهتم بهذه الأمثلة. ما نراه في الإعلام هو أن فلان وفلان بدأوا شركتهم الخاصة للتصميم، أنا أسف لكن هذا لا يسمى ريادة أعمال. "

وطبقاً إلى دينا المفتى، أقوى قصص النجاح هى القصص المحلية. شرحت دينا أن التأثير الذي اوقعه مصطفى حمدان، مؤسس ريسيكلوبيكيا (Recyclobekia) – أول شركة مصرية لتجميع المخلفات الإلكترونية  وتخدم الشرق الأوسط،-  على مسقط رأسه طنطا لا يقارن بأى تغطية إعلامية ممكنة. وأضافت: "كان صعب على عائلة مصطفى وجميع أهل منطقته فهم لماذا يترك مهندس عمله ومستقبله ليبدأ مشروعه الخاص، لكن عندما نجح مشروع مصطفى تمنى الجميع أن يكون مثله. يمكنك نشر الوعى للأبد، لكن أسرع طريقة للتغيير الحقيقى ستأتى عندما ينجح أحد من المجتمع نفسه بالرغم من الصعوبات الهائلة ويصبح مَثل أعلى للناس."  

ترقبوا الجزء الثالث من المقالة الثالثة في سلسلة اقتصاديات الحضر.

هذه المقالة برعاية:

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك