أنت هنا

هل هو هاكر صيني يبلغ ١٣ عاما؟ ما الذي حدث لشركة فيسبوك؟

 

إن كنت معنا بالأمس، بمعنى أنك لم تكن نائمًا من الساعة السادسة ليلًا حتى الواحدة صباحًا، فبالتأكيد قد شعرت بالوحدة دون موقع فيسبوك، وخدماته المختلفة مثل إنستجرام وواتساب.

انقطاع وظلام دامس أصاب شركة Facebook، نحن لا نعرف بعد تحديدًا سبب حدوث هذا الانقطاع الهائل، ولم تأكد أو تنفي شركة فيسبوك أي شيء، ولكن على الأقل لدينا بعض المعلومات حول كيفية حدوثه. هل كان بسبب هاكر صيني يبلغ من العمر 13 عامًا؟ هل هذه نهاية العالم والإنترنت؟

حسنًا ما الذي حدث تحديدًا لفيسبوك؟ دعنا نرى!

أفادت شركة Kentik، وهي شركة مراقبة شبكات في سان فرانسيسكو، أنه في الساعة 05:39 مساءً بتوقيت القاهرة، يوم الإثنين 4 أكتوبر، قام شخص ما داخل شركة فيسبوك بتحديث سجلات بروتوكولات التوجيه الحدودية Border Gateway Protocol، أو اختصارًا (BGP)، ومن هنا بدأت المصائب، فما دور تلك البروتوكلات تحديدًا؟

بالتأكيد مر عليك مصطلح نظام أسماء النطاقات، أو DNS، وهو ما يمكن وصفه بدفتر عناوين الإنترنت، ودوره ترجمة أسماء المواقع التي تكتبها في المتصفح URL إلى عناوين بروتوكول الإنترنت IP، وتلك العناوين يمكن اعتبارها المنزل الذي تعيش به تلك المواقع على الشبكة.

مشاكل نظام DNS شائعة ومنتشرة كثيرًا، وفي الغالب تكون السبب وراء انقطاع أو سقوط موقع معين من الشبكة، ويمكن أن تحدث بسبب مختلف أنواع الأسباب الفنية، التي غالبا ما تتعلق بأخطاء ومشاكل في الإعدادات، ولكنها في معظم الأوقات تكون واضحة نسبيًا ويمكن حلها سريعًا. ولكن ما حدث في حالة فيسبوك بالأمس كان أكثر خطورة.

المشكلة الأساسية هنا أن موقع فيسبوك قد سحب السجلات الرقمية الأساسية لبروتوكولات التوجيه الحدودية BGP التي تحتوي على عناوين IP الخاصة بأسماء النطاقات للشبكة DNS.

إن كان DNS هو دفتر عناوين الإنترنت، فإن بروتوكول BGP هو نظام الملاحة، الذي يقرر كيف تسير البيانات وأي طريق تسلكه، بينما تسافر في رحلتها من جهازك وحتى الوصول إلى سيرفرات المواقع المختلفة.

ببساطة يمكن اعتبار تلك السجلات الرقمية الأساسية بأنها تقوم بدور خرائط جوجل GPS ولكن بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الأخرى المتصلة بالإنترنت، تلك السجلات تخبر الأجهزة كيفية العثور على موقع فيسبوك على الشبكة.

بمعنى أبسط، عندما تبحث عن عنوان موقع فيسبوك في متصفحك، فإن السجلات تخبر جهازك أين يبحث عن سيرفرات الشركة، وعندما يصل الجهاز إلى تلك السيرفرات تظهر لك صفحة دخول فيسبوك.

بينما ما حدث أن تلك السجلات اختفت فجأة، كأن شخصًا ما أحرق كل تلك الخرائط، فأصبح جهازك، وهاتفك الذكي وأي شيء متصل بالإنترنت، لا يستطيع إيجاد فيسبوك.

المشكلة ليست في الجهاز أو الهاتف، المشكلة هنا أكثر تعقيدًا، لأن فيسبوك اختفى بالمعنى الحرفي للكلمة من على الشبكة. كأن الظلام أصابها بأكملها، فأصبحت مخفية عن أعين الأجهزة على الإنترنت!

وبالطبع، مع اختفاء موقع فيسبوك، جاء اختفاء باقي الخدمات، مثل تطبيقات المراسلة ماسنجر وواتساب، وتطبيق مشاركة الصور إنستجرام. وهذا ترك مليارات المستخدمين دون أي شبكات تواصل اجتماعي، كأننا رجعنا بالزمن عشرون عامًا!

المشكلة الأكبر، أن هذا الانقطاع لم يؤثر على الخدمات المعتادة لشركة فيسبوك، لكنه أصاب كذلك أدوات فيسبوك الداخلية التي يستخدمها موظفو الشركة للعمل والتواصل فيما بينهم. وذلك لأن البريد الإلكتروني والأدوات الخاصة بالمنصة تُدار جميعًا من داخل الشركة، وعبر نفس النطاقات التي اختفت من على شبكة الإنترنت بالكامل. تعطل كل تلك الأدوات أدى بالفريق إلى استخدام أدوات خارجية لإكمال أعمالهم، لكن ظلت المشكلة الرئيسية دون حل.

المتوقع أن تلك التغييرات قد جاءت من داخل الشركة، لأن فيسبوك تتحكم في تلك السجلات داخليًا، وفي الأغلب حدث خطأ ما تسبب في محو تلك الخرائط التي تحدثنا عنها مما سبب مشكلة الانقطاع.

حدثت مثل تلك المشكلة العام الماضي، ورأينا عدد من هذه الانقطاعات الكبرى لشركة فيسبوك وخدماتها المتنوعة، إذ كان لديهم نوع من تحديثات الإعدادات لشبكتهم العالمية التي انحرفت عن مسارها أيضًا، لكن حينها لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا. ويتوقع معظم الخبراء أن هذه المرة أيضًا هم من فعلوا ذلك، لكن الأمر تفاقم بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

ما سبب تفاقم المشكلة أكثر، أنهم فقدوا قدرتهم على الدخول إلى سيرفرات الشركة على الشبكة، لأنها اختفت كما شرحنا، بالتالي أصبح من المحتم أن يذهبوا إلى مقر الشركة نفسه، وحل المشكلة يدويًا من الداخل. ولكن يبدو أن المتواجدون هناك لم يملكوا المعرفة الكافية بكيفية حل تلك المشكلة، وكان عليهم انتظار بعض الخبراء لكي يتمكنوا من حلها!

ثم أن موظفي فيسبوك واجهوا مشكلة في الدخول إلى مباني الشركة، لأن كروت الدخول الخاصة بالموظفين تعطلت بسبب ارتباطها بالنظام، وبهذا واجه مهندسو فيسبوك مشكلة في الوصول إلى خوادم الشركة بالداخل لكي يقوموا بتحميل سجلات BGP جديدة إلى شبكة الإنترنت. وهو أحد الأسباب الرئيسية في استمرار هذا الانقطاع الضخم لمدة 6 ساعات كاملة. وفي حدود الثانية عشر صباحًا، بدأت خدمات فيسبوك بالعودة تدريجيًا.

الأمر لا يتعلق بالقصة الدرامية لكيفية انهيار وسقوط الإنترنت بأكمله، أو باختراق من هاكر صيني يبلغ من العمر 13 عامًا، أو مثل هذه النظريات المنتشرة حاليًا، بل يتعلق أكثر بنظام واحد ضخم ومترابط، وربما ينهار النظام كأي شيء آخر بسبب بعض الأخطاء الفنية أو البشرية، وقد لا نشعر بمثل تلك المشاكل دائمًا لأن هناك أشخاص يراقبون الوضع ليلًا ونهارًا، ولكن عندما تجتمع أكثر من مشكلة في نفس الوقت فسنشعر حتمًا كأن العالم ينهار!

للمزيد من المصدر اضغط هنا

 

ارسل خبرك الآن أرسل ملاحظاتك