أنت هنا

لماذا تعاني الشركات الناشئة في مصر؟ (الجزء ٢/٢)

في الجزء الأول من المقال، تعرف القراء على هوفستيد ونظريته ومؤشر مسافة القوة الخاص به. سيتعرف القراء الآن في الجزء الثاني من المقال على العلاقة بين مؤشر مسافة القوة لهوفستيد والشركات الناشئة وكيفية استخدامه في التسويق. يسلط المقال الضوء على أمثلة واضحة حيث يسهل للقراء رالربط بين حالاتهم الخاصة وهذه الأمثلة وتطبيقها.  

هوفستيد قدم مجموعة من الدراسات التحليلية حول هذا الموضوع وكذلك العديد من العلماء المشهورين في هذا المجال و منهم العالمة الأسبانية مووري. من أهم التحليلات لهذا المؤشر هى أن هناك علاقة قوية ومتلازمة بين ارتفاع هذا المؤشر في دولة ما وبين الثقة في البراند أو قوة العلامة التجارية للمنتج. فكلما ارتفعت قيمة المؤشر في ثقافة بلد، كلما بحث الناس عن منتجات ذات شهرة كبيرة وتجد أنهم يبحثون عن أسم الشركة المنتجة قبل النظر لجودة المنتج نفسه أو مواصفاته .

كما ستجد أن فقدان الثقة في أي علامة تجارية أو براند يعني أن تلك الماركة سقطت من حسابات المستهلك ولمدة طويلة ولا يمكن استعادة تلك الثقة بسهولة ابداً في الثقافات ذات مؤشر مسافات القوة المرتفع.

هذه النقطة تعتبر عقبة كبيرة أمام الشركات الناشئة في مصر لأنها كشركات صغيرة لازالت تبحث عن أسم لها في السوق وكذلك فهي مُعرضة لأن تفقد عملائها بسهولة عند تعرض المنتج لأي هزة في السوق أو دعاية سيئة مضادة.

وهذا يعني أن أي شركة ناشئة في مصر أو في أي سوق مماثل من ناحية مؤشر القوة (جميع دول الخليج لديها مؤشرات فارق القوة المرتفعة مثل السوق المصري، السعودية ٩٥ بينما الأمارات و الكويت ٩٠) تحتاج لبراند قوي وبسرعة كبيرة كي تستطيع البقاء في السوق. ويكفي أن تجلس مع أي خبير تسويق مخضرم في السوق المصري لتجده يقول لك "الزبون المصري بيحب الماركات".

ماذا يمكن أن نتعلم من اليابانيين و الكوريين في هذا المضمار ؟

اليابان وكوريا والصين لديها أيضاً مؤشرات مرتفعة (٥٤ و٦٠ و٨٠ على الترتيب) ولذلك فستجد أن اعلانات الشركات اليابانية والكورية الموجهة لتلك الأسواق تركز وبصورة كبيرة على اللوجو والبراند. وكمثال، قارن بين الإعلانين التاليين أولهم موجه للمستهلك الأمريكي، بينما الثاني موجه للمستهلك الصيني.

 قارن بين مدة ظهور لوجو شركة سوني في الأعلانين وستجد أن الإعلان الصيني ظهر به اللوجو تقريباً في جميع اللقطات وبما لا يقل عن مدة ١٥ ثانية من إعلان مدته ٣٠ ثانية، بينما في الإعلان الأمريكي لم يظهر اللوجو سوى في آخر ثانيتين. وهذا يعني مقدار عناية المسوقين في كل دولة بدراسة مؤشر هوفستيد واستخدامه في المواد التسويقية والإعلانات.

مثال آخر لنلقي نظرة عليه هو كتالوج الدعاية brochure للسيارة تويوتا كورولا في كلا من الولايات المتحدة والصين. قارن بين عدد مرات ظهور كلمتي تويوتا و كورولا في الكتالوج الأمريكي والكتالوج الصيني.

ستجد أن في الكتالوج الأمريكي لم تظهر كلمة كورولا سوى مرة واحدة في البداية ولم تظهر كلمة تويوتا اطلاقاً. بينما في الكتالوج الصيني ستجد أن تويوتا وكورولا تظهر في كل صفحة تقريباً وكذلك اللوجو المميز لتويوتا يطل عليك في الكتالوج الصيني بكل قوة ووضوح بينما في الكتالوج الأمريكي ستجد أن كل التركيز على مميزات السيارة والتكنولوجيا المستخدمة والسعة الداخلية وكذلك معدلات استهلاك الوقود دون أي تركيز على اللوجو أو الأسم .

هذا ببساطة ما يرشدنا إليه مؤشر مسافة القوة لهوفستيد وبالتالي فأي شركة مصرية عليها دراسة هذا المؤشر بأستفاضة وتركيز شديدين، سواء كان ذلك للسوق المصري أو لأي سوق خارجي. فلا يجب استخدام نفس الرسالة الإعلانية والتسويقية عبر كل البلدان والثقافات بل يجب تقديم المنتج في كل بلد بما يتناسب مع هذه الثقافة وموقعها على مؤشر القوة. وهذا الرسم البياني يظهر المقارنة بين دول و ثقافات مختلفة في مؤشر القوة.

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك