أنت هنا

كيف تمكنت شركتان ناشئتان في مصر من سد فجوات سلاسل التوريد؟ – (الجزء الثاني)

قصة شركتين ناشئتين تسعيان لحل مشكلة تعقد سلاسل التوريد ومستويات الطلب المرتبطة بالجائحة (الجزء الثاني): نستكمل اليوم مناقشة كيف تساعد الشركات الناشئة في مصر في حل بعض مشاكل نظام إدارة سلسلة التوريد المعقد لدينا، لا سيما مع استمرار نمو التجارة الإلكترونية. ففي الأسبوع الماضي، تناولنا كيف تقوم شركة "مكسب" المصرية الناشئة لربط تجار التجزئة بالموردين باستخدام البيانات التي تجمعها من الطلبات والبنية التحتية للتسليم الخاصة بها، لتقليل الوقت الضائع على الشاحنات المليئة بالسلع التي تجوب الشوارع في انتظار تاجر بالتجزئة لشراء المنتجات.

وفي الجزء الثاني، نتناول التوجهات الحديثة وغير التقليدية لحل مشكلات سلاسل الإمداد مثل اكتساب العملاء والتوزيع المؤثر، وهو ما تلتزم به منصة التجارة الإلكترونية "بريمور".

وللتذكرة، ما هي المشكلات التي يعاني منها نظام إدارة سلاسل الإمداد الخاصة بنا؟ عادة يمر المنتج بين ما يصل إلى 6 جهات مختلفة أو أشخاص حتى يصل من المُصنّع إلى المستهلك. فيخرج من المصنع إلى الموزع ثم إلى موزع محلي أصغر ثم تاجر الجملة لكبير ومنه إلى تاجر جملة أصغر ثم إلى تاجر التجزئة، حيث يصبح في متناول المستهلك. وحتى تصل البضائع الاستهلاكية للمستهلك، تقل كفاءتها بسبب نقلها السريع عبر سيارات النقل من المصانع إلى أكثر من 400 ألف محل تجاري في مصر، وهو ما ينتج عادة عنه الكثير من الهدر في الوقت والمنتجات.

لم نكن على استعداد للطفرة في التجارة الإلكترونية. فقبل عام 2020، كانت التجارة الإلكترونية سوقا على الإنترنت يعتمد على طلبات مفردة، لمنتج واحد، ويتكفل المورد بنفسه بتوصيلها في أغلب الأحيان. ومع حدوث الطفرة أصبح العملاء يطلبون العديد من المنتجات وبكميات كبيرة، ما استدعى وجود أماكن للتخزين وأساطيل للتوصيل للمنازل، بحسب محمد عبد العزيز، المؤسس والمدير التنفيذي لبريمور المتخصصة في التجارة الإلكترونية، في حديثه لإنتربرايز. ويضيف أن مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تكن تملك البنية التحتية اللازمة للتعامل مع الطلبات الكبيرة المجمعة التي تشمل بضائع وسلع منزلية.

ويكافح صغار المصنعين لكسب العملاء الجدد وضمان توافر المنتجات وتخزينها لدى طلبها، بحسب عبد العزيز. ويوضح أن كسب العملاء الجدد ينطوي أولا على إقناع الناس بتجربة منتجات جديدة وثانيا على ضمان أن 100% من المنتجات متوفرة في 100% من المواقع على مدار الساعة، وذلك لتجنب إحباط العملاء والاحتفاظ بهم، وهو أمر شاق. ويتطلب ذلك توافر التمويل اللازم لتوزيع البضائع بكفاءة ومتابعة المبيعات في جميع منافذ التجزئة باستمرار. والمشكلة الأولى هي مشكلة تسويق، والثانية هي مشكلة توزيع وسلاسل إمداد، وحلهما مكلف للغاية.

ومن بين الحلول البسيطة الممكنة: تتعهد بريمور للمصنعين بتوفير منتجاتهم باستمرار وجذب المزيد من العملاء لتجربتها، فتقوم بربط الموردين بالبائعين المستقلين في جميع محافظات مصر. ولتحقيق ذلك تستهدف الشركة السيدات في المناطق النائية ليعملن كبائعين غير رسميين، ويقمن بالبيع من بيوتهن لجيرانهن في المناطق المحيطة. وبإمكان السيدات أن يطلبن المنتجات بكميات كبيرة من المورد مباشرة، ويستخدمن معارفهن، وهن غالبا سيدات أخريات، في عمليات البيع. ويتميز ذلك النهج بالاعتماد على الدعاية الشفهية المباشرة، وهو ما يعفي المصنع من تكاليف التسويق.

ويساهم ذلك في حل إحدى مشكلات سلاسل الإمداد، وهو اقتصار انتقال المنتج على الانتقال بين المصنع والسيدات اللاتي يقمن بالبيع مباشرة، بدلا من مروره على 5 محطات حتى يصل إلى بائع التجزئة.

ويكتسب هذا النموذج شهرة كبيرة خاصة خارج القاهرة والإسكندرية، فقد ارتفع عدد السيدات الناشطات في مجال البيع لصالح بريمور إلي 50 ألف سيدة، وهي زيادة بـ 9 أضعاف على أساس سنوي. ويقوم أكثر من 200 مصنع بتوزيع منتجاتهم عبر الشركة. يقع نحو 70% من أعمال الشركة خارج القاهرة والإسكندرية، بينها 36% في الصعيد و10% في محافظات حدودية في سيناء والوادي الجديد. وتمكنت الشركة من جمع تمويل بقيمة 4.3 مليون دولار حتى الآن عبر جولات استثمارية.

وتزداد الحاجة الآن لتحصل بريمور على مراكزها الخاصة بها، فخلال الجائحة أطلقت الشركة خطها للإمداد الخاص بها بالكامل. وحتى العام الماضي، كانت الشركة تلجأ للتعهيد للغير، ولكنها قررت مؤخرا أن تتكفل بالبنية التحتية لسلاسل الإمداد الخاصة بها، بما في ذلك مخزن لجميع المنتجات التي توزعها وخدمات توصيل نهائية للسيدات اللاتي يبعن المنتجات للمستهلكين مباشرة. وعمل الخط الجديد على تحقيق الإيرادات للأعمال المركزية من خلال الوفاء بعملياتها الخاصة إضافة لعمليات الشركات الأخرى.

ويبدو أن هذا النموذج كان جذابا لرأس المال المخاطر، فقامت بريمور بجمع 3.5 مليون دولار في جولة تمويل ما قبل الأولي بقيادة ألجبرا فينتشرز عام 2020، وبمشاركة فلات 6 لابز وديسرابتيك وفيجن فينتشرز و"500 ستارت أبس". وجاءت الجولة بعد عام واحد من حصولها على 800 ألف دولار في جولة تمويل تأسيسي بقيادة ألجبرا فينتشرز وإنديور كابيتال.

وبشكل عام، كان عام 2020 قصة نجاح للاستثمار في الشركات الناشئة بقطاع اللوجستيات. فقبل ذلك كان القطاع قليل التطور للغاية، ولكن الجائحة ساعدت في إقناع المستثمرين بجدوى تمويل الشركات الناشئة ثقيلة الأصول، بحسب عبد العزيز. ومع نمو تلك الشركات ستنمو أيضا الأسواق والشركات خفيفة الأصول، فالشركات ذات الأصول الثقيلة عادة تمتلك أصولا ثابتة مثل الماكينات التي تحتاجها لتوليد الدخل، فيما لا يحتاج نموذج عمل الشركات ذات الأصول الخفيفة معدات ثقيلة أو مكلفة، حسبما يوضح عبد العزيز.

لقراءة كيف تمكنت شركتان ناشئتان في مصر من سد فجوات سلاسل التوريد؟ (الجزء الأول) اضغط هنا
 

ارسل خبرك الآن أرسل ملاحظاتك